style
date الجمعة أكتوبر 31, 2014 5:03 pm
date الأحد أكتوبر 12, 2014 12:14 am
date الأربعاء أكتوبر 08, 2014 5:38 pm
date الأربعاء أكتوبر 08, 2014 4:15 pm
date الثلاثاء أكتوبر 07, 2014 5:38 pm
date الثلاثاء أكتوبر 07, 2014 5:17 pm
date الثلاثاء أكتوبر 07, 2014 5:11 pm
date الثلاثاء أكتوبر 07, 2014 5:09 pm
date الثلاثاء أكتوبر 07, 2014 4:51 pm
date الثلاثاء أكتوبر 07, 2014 4:45 pm
member
member
member
member
member
member
member
member
member
member
style



[حصرى]بدر الكبرى

فاضل حسن
ابو زين العابدين الزيداوي

فاضل حسن
ابو زين العابدين الزيداوي

الجنس الجنس : ذكر
العمر العمر : 48
التقييم التقييم : 429
المشاركات المشاركات : 144
الانتساب الانتساب : 28/04/2014
 البلـد/الاقامة البلـد/الاقامة : [حصرى]بدر الكبرى OwYjQC
[حصرى]بدر الكبرى VzrLwP
[حصرى]بدر الكبرى Empty
https://alsajad.forumth.com
[حصرى]بدر الكبرى Clock13 الخميس أكتوبر 02, 2014 6:01 pm

Very Happy
Laughing
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين والصلاة على سيد المرسلين محمد واله الطيبين الطاهرين

ان تاريخ الدعوة الإسلامية حافل بالكثير من المواقف الايجابية التي يسعى إليها العلماء من اجل الوقوف على الأنوار المضيئة التي تنطلق منها الأجيال لبناء المستقبل المشرق للأمة الإسلامية ،وهذه المواقف بالحقيقة هي محطات عطاء وينابيع يرتوي منها المسلمون عند عطش الزمان ونكوص قادة الأمة أمام التحديات المعاصرة التي تحيط بالمجتمع الإسلامي في عصر الحرب الفكرية والعقائدية والأخلاقية
ومن أجل مواقف الإسلام وقعة بدر الخالدة والتي أبلى المسلمون بها بلاءا حسنا وثبتوا أمام الجيش الهائل الذي جمعته جبابرة الشرك من قريش لصد الدعوة الإلهية الإسلامية والقضاء عل قائدها الرسول الأعظم صلى الله عليه واله ،
وكان لصمود القلة أمام الكثرة من اجل تلك المواقف والتي تعطينا درسا بأننا لا يجب علينا التردد لكثرة من يحيط بنا من الأعداء بل (كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ)([1])
وقعة بدر هي أوّل معركة عظمى للمسلمين ضدّ قوّات قريش الكافرة وفيها حاول كلّ طرف منهم الإنتقام من الطرف الثاني وتبعد أرض المعركة عن المدينة 160 كيلومتراً جنوب المدينة . وكان سن النبي (صلى الله عليه وآله) فيها 55 سنة ،
قال ابن دحلان :
وكان خروجهم يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة خلت من رمضان على رأس تسعة عشر شهراً من هجرة النبي (صلى الله عليه وآله) وخرجت معه الأنصار ولم تكن قبل ذلك خرجت معه وكان عدّة البدريين ثلاثمائة وثلاثة عشر ، وسبب هذه الغزوة التعرّض للعير التي خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) في طلبها حتّى بلغ العشيرة ووجدها سبقته ، فلم يزل مترقّباً قفولها أي رجوعها من الشام ، فعند قفولها ندب المسلمين أي دعاهم([2])
وقال : هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعلّ الله أن ينفلكموها ، فانتدب ناس أي أجابوا وثقل آخرون ، ولم يحفل بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أي لم يهتمّ بهم بل قال : من كان ظهره أي ما يركبه حاضراً فليركب معنا ولم ينتظر من كان ظهره غائباً عنه .
وكان أبو سفيان لقي رجلا فأخبره أنّه (صلى الله عليه وآله) قد كان عرض لعيره في بدايته ، وأنّه ينتظر رجوع العير فلمّا رجع وقربت العير من أرض الحجاز صار يتجسّس الأخبار ويبحث عنها ، ويسأل من لقي من الركبان تخوّفاً من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فسمع من بعض الركبان أنّه استنفر أصحابه لك ولعيرك فخاف خوفاً شديداً فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري بعشرين مثقالا ليأتي مكّة وأن يجدع بعيره ويحوّل رحله ويشقّ قميصه من قبله ومن دبره ، إذا دخل مكّة ويستنفر قريشاً ويخبرهم أنّ محمّداً قد عرض لعيرهم هو وأصحابه ، فخرج ضمضم سريعاً إلى مكّة([3])
وكانت تلك العير فيها أموال قريش ، حتّى قيل إنّه لم يبق بمكّة قرشي ولا قرشية له مثقال فصاعداً إلاّ بعث به في تلك العير إلاّ حويطب بن عبدالعزّى .
ويقال : إنّ في تلك العير خمسين ألف دينار وألف بعير وتقدّم أنّ قائدها أبو سفيان ، وكان معه مخرمة بن نوفل وعمرو بن العاص ، وكان جملة من معه سبعة وعشرين رجلا ([4])
وتُعدّ غزوة بدر من أشدّ الغزوات التي خاضها النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) وأعظمها من حيث الظروف الزمنيّة ، وميزان القوى ، ومستوى المعدّات الحربيّة التي كانت عند المسلمين . ذلك أنّ الهدف الأوّل من التحرّك ـ وهو التحرّش بقافلة قريش والسيطرة عليها ـ وما تلاه من حرب غير متكافئة ؛ يدلاّن على أهميّة المعركة ودَورها المصيرىّ الحاسم .
من هنا كانت للبدريّين في التاريخ منزلة رفيعة خاصّة ، وكان حضورهم في حوادث التاريخ الإسلامي ـ لا سيّما بعد وفاة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) ـ حيثما وُجِدوا يُشعر بشأنٍ خاصّ
وقعة بدر هي أوّل معركة عظمى للمسلمين ضدّ قوّات قريش الكافرة وفيها حاول كلّ طرف منهم الإنتقام من الطرف الثاني وتبعد أرض المعركة عن المدينة 160 كيلومتراً جنوب المدينة . وكان سن النبي (صلى الله عليه وآله) فيها 55 سنة ،
قال ابن دحلان :
وكان خروجهم يوم السبت لاثنتي عشرة ليلة خلت من رمضان على رأس تسعة عشر شهراً من هجرة النبي (صلى الله عليه وآله) وخرجت معه الأنصار ولم تكن قبل ذلك خرجت معه وكان عدّة البدريين ثلاثمائة وثلاثة عشر ، وسبب هذه الغزوة التعرّض للعير التي خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) في طلبها حتّى بلغ العشيرة ووجدها سبقته ، فلم يزل مترقّباً قفولها أي رجوعها من الشام ، فعند قفولها ندب المسلمين أي دعاهم([5])
وقال : هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعلّ الله أن ينفلكموها ، فانتدب ناس أي أجابوا وثقل آخرون ، ولم يحفل بهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) أي لم يهتمّ بهم بل قال : من كان ظهره أي ما يركبه حاضراً فليركب معنا ولم ينتظر من كان ظهره غائباً عنه .
وكان أبو سفيان لقي رجلا فأخبره أنّه (صلى الله عليه وآله) قد كان عرض لعيره في بدايته ، وأنّه ينتظر رجوع العير فلمّا رجع وقربت العير من أرض الحجاز صار يتجسّس الأخبار ويبحث عنها ، ويسأل من لقي من الركبان تخوّفاً من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فسمع من بعض الركبان أنّه استنفر أصحابه لك ولعيرك فخاف خوفاً شديداً فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري بعشرين مثقالا ليأتي مكّة وأن يجدع بعيره ويحوّل رحله ويشقّ قميصه من قبله ومن دبره ، إذا دخل مكّة ويستنفر قريشاً ويخبرهم أنّ محمّداً قد عرض لعيرهم هو وأصحابه ، فخرج ضمضم سريعاً إلى مكّة([6])
وكانت تلك العير فيها أموال قريش ، حتّى قيل إنّه لم يبق بمكّة قرشي ولا قرشية له مثقال فصاعداً إلاّ بعث به في تلك العير إلاّ حويطب بن عبدالعزّى .
ويقال : إنّ في تلك العير خمسين ألف دينار وألف بعير وتقدّم أنّ قائدها أبو سفيان ، وكان معه مخرمة بن نوفل وعمرو بن العاص ، وكان جملة من معه سبعة وعشرين رجلا ([7])
وتُعدّ غزوة بدر من أشدّ الغزوات التي خاضها النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) وأعظمها من حيث الظروف الزمنيّة ، وميزان القوى ، ومستوى المعدّات الحربيّة التي كانت عند المسلمين . ذلك أنّ الهدف الأوّل من التحرّك ـ وهو التحرّش بقافلة قريش والسيطرة عليها ـ وما تلاه من حرب غير متكافئة ؛ يدلاّن على أهميّة المعركة ودَورها المصيرىّ الحاسم .
من هنا كانت للبدريّين في التاريخ منزلة رفيعة خاصّة ، وكان حضورهم في حوادث التاريخ الإسلامي ـ لا سيّما بعد وفاة النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) ـ حيثما وُجِدوا يُشعر بشأنٍ خاصّ .

من شهد بدرا من المسلمين
قال الواقدي : كانوا ثلثمائة وثلاثة عشر رجلا مع القوم الذين ضرب لهم رسول الله صلى الله عليه وآله بسهامهم وهم غائبون وعدتهم ثمانية . قال : وهذا هو الاغلب في الرواية ، قال : ولم يشهد بدرا من المسلمين الا قرشي أو حليف لقرشي أوانصارى أو حليف لانصاري أو مولى واحد منهما ، وهكذا من جانب المشركين ، فإنه لم يشهدها إلا قرشي أو حليف لقرشي أو مولى لهم . قال : فكانت قريش ومواليها وحلفاؤها ستة وثمانين رجلا ، وكانت الانصار ومواليها وحلفاؤها مائتين وسبعة وعشرين رجلا. ([8]).

تفصيل الواقعة
كثيرة هي المصادر التي ذكرت واقعة بدر بل لا يوجد كتاب في التاريخ الاسلامي والحديث الا وتناول بالتفصيل تلك الواقعة العظيمة
قال علي بن ابراهيم في تفسير قوله تعالى Sad كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ ([9])
وكان سبب ذلك أن عير القريش خرجت إلى الشام فيها خزائنهم ، فأمر النبي صلى الله عليه وآله أصحابه بالخروج ليأخذوها ، فأخبرهم أن الله تعالى قد وعده إحدى الطائفتين : إما العير أو قريش إن أظفر بهم ، فخرج في ثلاث مائة وثلاثة عشر رجلا ، فلما قارب بدرا كان أبوسفيان في العير ، فلما بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قد خرج يتعرض العير خاف خوفا شديدا ، ومضى إلى الشام ، فلما وافى النقرة ([10])اكترى ضمضم بن عمرو الخزاعي بعشرة دنانير ، وأعطاه قلوصا([11])
، وقال له : امض إلى قريش وأخبرهم أن محمدا والصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم فأدركوا العير ، وأوصاه أن يخرم ناقته ، ويقطع أذنها حتى يسيل الدم ، ويشق ثوبه من قبل ودبر ، فإذا دخل مكة ولى وجهه إلى ذنب البعير وصاح بأعلى صوته وقال : يا آل غالب يا آل غالب ([12])،اللطيمة اللطيمة ([13])، العير العير ، أدركوا أدركوا وما أراكم تدركون ، فإن محمدا والصباة من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم ، فخرج ضمضم يبادر إلى مكة ، ورأت عاتكة بنت عبدالمطلب قبل قدوم ضمضم في منامها بثلاثة أيام كأن راكبا قد دخل مكة ينادي : يا آل غدر يا آل غدر ([14])
، اغدوا إلى مصارعكم صبح ثالثة ، ثم وافى بجمله على أبي قبيس فأخذ حجرا فدهده من الجبل فما ترك دارا من دور قريش إلا أصابه منه فلذة ، وكان وادي مكة قد سال من أسفله دما ، فانتبهت ذعرة فأخبرت العباس بذلك ، فأخبر العباس عتبة بن ربيعة ، فقال : عتبة : هذه مصيبة تحدث في قريش ، وفشت الرؤيا في قريش وبلغ ذلك أبا جهل فقال : ما رأت عاتكة هذه الرؤيا ، وهذه نبية ثانية في بني عبدالمطلب واللات والعزى لننتظرن ثلاثة أيام ، فان كان ما رأت حقا فهو كما رأت ، وإن كان غير ذلك لنكتبن بيننا كتابا أنه ما من أهل بيت من العرب أكذب رجالا ولا نساء من بني هاشم ، فلما مضى يوم قال أبوجهل : هذا يوم قد مضى ، فلما كان اليوم الثاني قال أبوجهل : هذا يومان قد مضيا ، فلما كان اليوم الثالث وافى ضمضم ينادي في الوادي : يا آل غالب ، يا آل غالب ، اللطيمة اللطيمة ، العير العير ، أدركوا وما أراكم تدركون ، فإن محمدا والصباة ([15])من أهل يثرب قد خرجوا يتعرضون لعيركم التي فيها خزائنكم ، فتصايح الناس بمكة ، وتهيأوا للخروج ، وقام سهيل بن عمرو وصفوان بن أمية ، وأبوالبختري بن هشام ، ومنبه ونبيه ابنا الحجاج ، ونوفل بن خويلد فقال : يا معشر قريش والله ما أصابكم مصيبة أعظم من هذه أن يطمع محمد والصباة من أهل يثرب أن يتعرضوا لعيركم التي فيها خزائنكم ، فوالله ما قرشي ولا قرشية إلا و لها في هذا العير نش ([16])فصاعدا ، وإنه لمن الذل والصغار أن يطمع محمد في أموالكم ويفرق بينكم وبين متجركم ، فاخرجوا ، وأخرج صفوان بن أمية خمسمائة دينار وجهز بها ، وأخرج سهيل بن عمرو ، وما بقي أحد من عظماء قريش إلا أخرجوا مالا وحملوا وقووا ، وخرجوا على الصعب والذلول لا يملكون أنفسهم كما قال الله تبارك وتعالى : ( خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ) وخرج معهم العباس ابن عبدالمطلب ونوفل بن الحارث وعقيل بن أبي طالب ، وأخرجوا معهم القيان يشربون الخمور ويضربون بالدفوف ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، فلما كان بقرب بدر على ليلة منها بعث بسيس بن أبي الزغبا وعدي ابن عمرو يتجسسان خبر العير ، فأتيا ماء بدر وأناخا راحلتيهما واستعذبا من الماء وسمعا جاريتين قد تشبثت إحداهما بالاخرى يطالبها بدرهم كان لها عليها فقالت : عير قريش نزلت أمس في موضع كذا وكذا ، وهي تنزل غدا ههنا ، وأنا أعمل لهم وأقضيك ، فرجعا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبراه بما سمعا ، فأقبل أبوسفيان بالعير فلما شارف بدرا تقدم العير وأقبل وحده حتى انتهى إلى ماء بدر ، وكان بها رجل من جهينة يقال له : كسب الجهني ، فقال له : يا كسب هل لك علم بمحمد وأصحابه ، قال : لا ، قال : واللات والعزى لئن كتمتنا أمر محمد لا تزال قريش لك معادية آخر الدهر ، فإنه ليس أحد من قريش إلا وله شئ في هذا العير فلا تكتمني ، فقال : والله ما لي علم بمحمد ، وما بال محمد وأصحابه بالتجار إلا أني رأيت في هذا اليوم راكبين أقبلا فاستعذبا من الماء وأناخا راحلتيهما ورجعا ، فلا أدري من هما ، فجاء أبوسفيان إلى موضع مناخ إبلهما ففت أبعار الابل بيده فوجد فيها النوى ، فقال : هذه علائف يثرب ، هؤلاء والله عيون محمد ، فرجع مسرعا وأمر
بالعير فأخذ بها نحو ساحل البحر وتركوا الطريق ومروا مسرعين ، ونزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبره أن العير قد أفلتت ، وأن قريشا قد أقبلت لمنع عيرها وأمره بالقتال ، ووعده النصر ، وكان نازلا بالصفراء ([17])فأحب أن يبلوا الانصار لانهم إنما وعدوه أن ينصروه وكان في الدار ، فأخبرهم أن العير قد جازت ، وأن قريشا قد أقبلت لتمنع عيرها ، وأن الله قد أمرني بمحاربتهم ، فجزع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله من ذلك ، وخافوا خوفا شديدا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أشيروا علي فقام أبوبكر فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وآله إنها قريش وخيلاؤها ما آمنت منذ كفرت ولا ذلت منذ عزت ولم نخرج على هيئة الحرب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : اجلس فجلس ، فقال : أشيروا علي فقام عمر فقال مثل مقالة أبي بكر ، فقال : اجلس ، ثم قام المقداد فقال : يا رسول الله إنها قريش وخيلاؤها ، وقد آمنا بك وصدقناك ، و شهدنا أن ما جئت به حق من عند الله ، والله لو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا وشوك الهراس لخضنا معك ، ولا نقول لك ما قالت بنو إسرائيل لموسى : ( اذهب أنت و ربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون) ولكنا نقول : اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون فجزاه النبي خيرا ثم جلس ، ثم قال : أشيروا علي فقام سعد بن معاذ فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله كأنك أردتنا ؟ قال : نعم ، قال : فلعلك خرجت على أمر قد أمرت بغيره ؟ قال : نعم ، قال : بأبي أنت و أمي يا رسول الله إنا قد آمنا بك وصدقناك ، وشهدنا أن ما جئت به حق من عند الله ، فمرنا بما شئت ، وخذ من أموالنا ما شئت ، واترك منه ما شئت ، والذي أخذت منه أحب إلي من الذي تركت ، والله لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر لخضنا معك ، فجزاه خيرا ، ثم قال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ، والله ما خضت هذا الطريق قط ومالي به علم ، وقد خلفنا بالمدينة قوما ليس نحن بأشد جهازا لك
منهم ، ولو علموا أنه الحرب لما تخلفوا ، ولكن نعد لك الرواحل ، ونلقى عدونا فإنا صبر عند اللقاء ، أنجاد في الحرب ، وإنا لنرجو أن يقر الله عينك بنا ، فإن يك ما تحب فهو ذاك ، وإن يك غير ذلك قعدت على رواحلك فلحقت بقومنا فقال رسول الله أو يحدث الله غير ذلك ، كأني بمصرع فلان ههنا ، وبمصرع فلان ههنا ، وبمصرع أبي جهل وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ومنبه ونبيه ابني الحجاج فإن الله قد وعدني إحدى الطائفتين ولن يخلف الله الميعاد ، فنزل جبرئيل على رسول الله صلى الله عليه وآله بهذه الآية : ( كما أخرجك ربك من بيتك بالحق ) إلى قوله : ( ولو كره المجرمون ) فأمر رسول الله بالرحيل حتى نزل عشاء على ماء بدر ، و هي العدوة الشامية ، وأقبلت قريش فنزلت بالعدوة اليمانية ، وبعثت عبيدها تستعذب من الماء فأخذوهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وحبسوهم ، فقالوا لهم : من أنتم قالوا : نحن عبيد قريش ، قالوا : فأين العير ؟ قالوا : لا علم لنا بالعير ، فأقبلوا يضربونهم ، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي فانفتل من صلاته ، فقال : إن صدقوكم ضربتموهم ، وإن كذبوكم تركتموهم ، علي بهم ، فأتوا بهم ، فقال لهم : من أنتم ؟ قالوا : يا محمد نحن عبيد قريش ، قال : كم القوم ؟ قالوا : لا علم لنا بعددهم ، قال : كم ينحرون في كل يوم جزورا ؟ قالوا : تسعة إلى عشرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : تسعمائة إلى ألف ، قال : فمن فيهم من بني هاشم ؟ قال : العباس بن عبدالمطلب ، و نوفل بن الحارث ، وعقيل بن أبي طالب ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بهم فحبسوا ، و بلغ قريشا ذلك فخافوا خوفا شديدا ، ولقي عتبة بن ربيعة أبا البختري بن هشام فقال له : أما ترى هذا البغي ؟ والله ما أبصر موضع قدمي ، خرجنا لنمنع عيرنا وقد أفلتت فجئنا بغيا وعدوانا ، والله ما أفلح قوم قط بغوا ، ولوددت أن ما في العير من أموال بني عبد مناف ذهب كله ، ولم نسر هذا المسير ، فقال له أبو البختري : إنك سيد من سادات قريش فتحمل العير التي أصابها محمد وأصحابه بنخلة ودم ابن الحضرمي فإنه حليفك ، فقال عتبة : انت علي بذلك ، وما على أحد منا خلاف إلا ابن الحنظلية يعني أباجهل ، فصر إليه وأعلمه أني قد تحملت العير التي قد أصابها محمد دم ابن الحضرمي ، فقال أبوالبختري : فقصدت خباه وإذا هو قد أخرج درعا له ، فقلت له : إن أبا الوليد بعثني إليك برسالة ، فغضب ثم قال : أما وجد عتبة رسولا غيرك ؟ فقلت : أما والله لو غيره أرسلني ما جئت ، ولكن أبا الوليد سيد العشيرة ، فغضب غضبة اخرى ، فقال : تقول سيد العشيرة ؟ فقلت : أنا أقوله وقريش كلها تقوله ، إنه قد تحمل العير ودم ابن الحضرمي ، فقال : إن عتبة أطول الناس لسانا ، وأبلغه في الكلام ، ويتعصب لمحمد فإنه من بني عبد مناف وابنه معه ، ويريد أن يخدر الناس ، لا واللات والعزى حتى نقحم عليهم بيثرب ونأخذهم أسارى ، فندخلهم مكة ، وتتسامع العرب بذلك ، ولا يكون بيننا وبين متجرنا أحد نكرهه ، وبلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله كثرة قريش ففزعوا فزعا شديدا وشكوا وبكوا واستغاثوا ، فأنزل الله على رسوله (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عندالله إن الله عزيز حكيم ) فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وآله و جنه الليل ألقى الله على أصحابه النعاس حتى ناموا ، وأنزل الله تبارك وتعالى عليهم الماء وكان نزول رسول الله صلى الله عليه وآله في موضع لا يثبت فيه القدم ، فأنزل الله عليهم السماء ولبد الارض حتى ثبتت أقدامهم ، وهو قول الله تبارك وتعالى : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ)([18])وذلك أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله احتلم ( وليربط على قلوبكم ويثبت به الاقدام ) وكان المطر على قريش مثل العزالي ، وعلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله رذاذا بقدر ما لبد الارض ،وخافت قريش خوفا شديدا ، فأقبلوا يتحارسون يخافون البيات ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله عمار بن ياسر وعبدالله بن مسعود فقال : ادخلا في القوم وائتونا بأخبارهم ، فكانا يجولان بعسكرهم لا يرون إلا خائفا ذعرا ، إذا صهل الفرس وثبت على جحفلته ، فسمعوا منبه بن الحجاج يقول :

لا يترك الجوع لنا مبيتا



لا بد أن نموت أو نميتا


قال : قد والله كانوا شباعى ، ولكنهم من الخوف قالوا : هذا ، وألقى الله في
قلوبهم الرعب كما قال الله تبارك وتعالى : (سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ)
فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه وآله عبأ أصحابه ، وكان في عسكر رسول الله صلى الله عليه وآله فرسين : فرس للزبير بن العوام ، وفرس للمقداد ، وكانت في عسكره سبعون جملا يتعاقبون عليها ، فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي بن أبي طالب عليه السلام ومرثد بن أبي مرثد الغنوي على جمل يتعاقبون عليه ، والجمل لمرثد ، وكان في عسكر قريش أربعمائة فرس فعبأ رسول الله صلى الله عليه وآله أصحابه بين يديه وقال : غضوا أبصاركم ولا تبدؤهم بالقتال ولا يتكلمن أحد ، فلما نظرت قريش إلى قلة أصحاب رسول الله عليه السلام قال أبو جهل : ما هم إلا اكلة رأس ، لو بعثنا إليهم عبيدنا لاخذوهم أخذا باليد ، فقال عتبة بن ربيعة : أترى لهم كمينا ومددا ؟ فبعثوا عمرو بن وهب الجمحي([19]) وكان فارسا شجاعا فجال بفرسه حتى طاف بعسكر رسول الله صلى الله عليه وآله ، ثم صعد في الوادي و صوب ، ثم رجع إلى قريش فقال : ما لهم كمين ولا مدد ، ولكن نواضح يثرب قد حملت الموت الناقع ، أما ترونهم خرس لا يتكلمون يتلمظون تلمظ الافاعي ، ما لهم ملجأ إلا سيوفهم ، وما أراهم يولون حتى يقتلوا ، ولا يقتلون حتى يقتلوا بعددهم فارتأوا رأيكم ، فقال أبوجهل : كذبت وجبنت وانتفخ سحرك حين نظرت إلى سيوف أهل يثرب ، وفزع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله حين نظروا إلى كثرة قريش وقوتهم فأنزل الله تعالى على رسوله : ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله ) وقد علم الله أنهم لا يجنحون ولا يجيبون إلى السلم ، وإنما أراد بذلك لتطيب قلوب أصحاب النبي صلى الله عليه وآله ، فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله إلى قريش فقال : يا معشر قريش ما أحد من العرب أبغض إلي من أن أبدأ بكم فخلوني والعرب ، فإن أك صادقا فأنتم أعلى بي عينا ، وإن أك كاذبا كفتكم ذؤبان العرب أمري فارجعوا ، فقال عتبة : والله ما أفلح قوم قط ردوا هذا ، ثم ركب جملا له أحمر فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وآله يجول في العسكر وينهى عن القتال ، فقال : إن يكن عند أحد خير فعند صاحب الجمل الاحمر إن يطيعوه يرشدوا ، فأقبل عتبة يقول : يا معشر قريش اجتمعوا واسمعوا ثم خطبهم فقال : يمن مع رحب ، فرحب مع يمن ، يا معشر قريش أطيعوني اليوم ، واعصوني الدهر ، وارجعوا إلى مكة واشربوا الخمور ، وعانقوا الحور ، فإن محمدا له إل وذمة وهو ابن عمكم فارجعوا ولا تردوا رأيي ، وإنما تطالبون محمدا بالعير التي أخذها محمد بنخلة ودم ابن الحضرمي وهو حليفي وعلي عقله ، فلما سمع أبوجهل ذلك غاظه وقال : إن عتبة أطول الناس لسانا ، وأبلغهم في الكلام ، ولئن رجعت قريش بقوله ليكونن سيد قريش آخر الدهر ، ثم قال : يا عتبة نظرت إلى سيوف بني عبدالمطلب وجبنت وانتفخ سحرك ، وتأمر الناس بالرجوع ، وكان على فرس فأخذ بشعره ، فقال الناس : يقتله ، فعرقب فرسه ، فقال : أمثلي يجبن ؟ وستعلم قريش اليوم أينا الالئم والاجبن ، وأينا المفسد لقومه ، لا يمشي
إلا أنا وأنت إلى الموت عيانا ، ثم قال :

هذا جناي وخياره فيه


وكل جان يده إلى فيه([20])



ثم أخذ بشعره يجره فاجتمع إليه الناس فقالوا : يا أبا الوليد الله الله لا تفت في أعضاد الناس ، تنهى عن شئ تكون أوله ، فخلصوا أبا جهل من يده ، فنظر عتبة إلى أخيه شيبة ونظر إلى ابنه الوليد فقال : قم يا بني ، فقام ثم لبس درعه وطلبوا له بيضة تسع رأسه فلم يجدوها لعظم هامته ، فاعتجر بعمامتين ، ثم أخذ سيفه وتقدم هو وأخوه وابنه ، ونادى : يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش ، فبرز إليه ثلاثة نفر من الانصار : عود ، ومعود ، وعوف بني عفراء ، فقال عتبة : من أنتم ؟ انتسبوا لنعرفكم ، فقالو : نحن بنو عفراء أنصار الله وأنصار رسوله ، فقالوا : ارجعوا فإنا لسنا إياكم نريد ، إنما نريد الاكفاء من قريش ، فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وآله أن ارجعوا ، فرجعوا ، وكره أن يكون أول الكرة بالانصار فرجعوا ووقفوا مواقفهم ، ثم نظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب وكان له سبعون سنة فقال له : قم يا عبيدة ، فقام بين يديه بالسيف ، ثم نظر إلى حمزة ابن عبدالمطلب فقال له : قم يا عم ، ثم نظر إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له : قم يا علي ، وكان أصغرهم سنا ، فقاموا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله بسيوفهم ، فقال : فاطلبوا بحقكم الذي جعله الله لكم ، فقد جاءت قريش بخيلائها وفخرها ، تريد أن تطفئ نور الله ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله : يا عبيدة عليك بعتبة ، وقال لحمزة : عليك بشيبة ، وقال لعلي : عليك بالوليد بن عتبة ، فمروا حتى انتهوا إلى القوم ، فقال عتبة : من أنتم ؟ انتسبوا نعرفكم ، فقال عبيدة : أنا عبيدة بن الحارث بن عبدالمطلب ، فقال كفو كريم ، فمن هذان ؟ فقال : حمزة ابن عبدالمطلب وعلي بن أبي طالب ، فقال : كفوان كريمان ، لعن الله من أوقفنا وإياكم بهذا الموقف ، فقال شيبة لحمزة : من أنت ؟ فقال : أنا حمزة بن عبدالمطلب أسد الله وأسد رسوله ، فقال له شيبة : لقد لقيت أسد الحلفاء فانظر كيف تكون صولتك يا أسد الله ، فحمل عبيدة على عتبة فضربه على رأسه ضربة فلق هامته ، وضرب عتبة عبيدة على ساقه فقطعا وسقطا جميعا ، وحمل حمزة على شيبة فتضاربا بالسيفين حتى انثلما ، وكل واحد منهما يتقي بدرقته ، وحمل أمير المؤمنين عليه السلام على الوليد بن عتبة فضربه على حبل عاتقه فأخرج السيف من إبطه ، فقال علي : فأخذ يمينه المقطوعة بيساره فضرب بها هامتي فظننت أن السماء وقعت على الارض ، ثم اعتنق حمزة وشيبة ، فقال المسلمون : يا علي أما ترى الكلب قد نهز عمك ، فحمل عليه علي ، ثم قال : يا عم طأطئ رأسك ، وكان حمزة أطول من شيبة ، فأدخل حمزة رأسه في صدره فضربه أمير المؤمنين على رأسه فطير نصفه ، ثم جاء إلى عتبة وبه رمق فأجهز عليه ، وحمل عبيدة بين حمزة وعلي حتى أتيا به رسول الله فنظر إله رسول الله صلى الله عليه وآله واستعبر فقال : يا رسول الله بأبي أنت وأمي ألست شهيدا ، فقال : بلى أنت أول شهيد من أهل بيتي ، فقال : أما لو كان عمك حيا لعلم أني أولى بما قال منه ، قال : وأي أعمامي تعني ؟ فقال : أبوطالب حيث يقول :

كذبتم وبيت الله يبزى محمد


ولما نطاعن دونه ونناضل


ونسلمه حتى نصرع حوله


ونذهل عن أبنائنا والحلائل



فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أما ترى ابنه كالليث العادي بين يدي الله ورسوله وابنه الآخر في جهاد الله بأرض الحبشة ، فقال : يا رسول الله أسخطت علي في هذه الحالة ؟ فقال : ما سخطت عليك ، ولكن ذكرت عمي فانقبضت لذلك ، وقال أبوجهل لقريش : لا تعجلوا ولا تبطروا كما عجل وبطرا بنا ربيعة ، عليكم بأهل يثرب فاجزروهم جزرا ، وعليكم بقريش فخذوهم أخذا حتى ندخلهم مكة ، فنعرفهم ضلالتهم التي كانوا عليها ، وكان فتية من قريش أسلموا بمكة فاحتبسهم آباؤهم فخرجوا مع قريش إلى بدر ، وهم على الشك والارتياب والنفاق ، منهم قيس بن الوليد بن المغيرة وأبوقيس بن الفاكهة ، والحارث بن ربيعة ، ، وعلي بن أمية بن خلف ، والعاص ابن المنبه ، فلما نظروا إلى قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله قالوا : مساكين هؤلاء غرهم دينهم فيقتلون الساعة ، فأنزل الله تعالى على رسوله : (إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاَءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)([21])
وجاء إبليس عليه اللعنة إلى قريش في صورة سراقة بن مالك فقال لهم : أنا جاركم ادفعوا إلي رايتكم ، فدفعوها إليه وجاء بشياطينه يهول بهم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ويخيل إليهم ويفزعهم ، وأقبلت قريش يقدمها إبليس معه الراية فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : غضوا أبصاركم ، وعضوا على النواجد ولا تسلوا سيفا حتى آذن لكم ، ثم رفع يده إلى السماء فقال : يا رب إن تهلك هذه العصابة لا تعبد ، وإن شئت أن لا تعبد لا تعبد
ثم أصابه الغشي فسري عنه وهو يسلت العرق عن وجهه ويقول : هذا جبرئيل ، قد أتاكم في ألف من الملائكة مردفين ، قال : فنظرنا فإذا بسحابة سوداء فيها برق لائح قد وقعت على عسكر رسول الله صلى الله عليه وآله ، و قال يقول : أقدم حيزوم ، أقدم حيزوم ، وسمعنا قعقعة السلاح من الجو ، و نظر إبليس إلى جبرئيل عليه السلام فتراجع ، ورمى باللواء فأخذ نبيه بن الحجاج بمجامع ثوبه ، ثم قال : ويلك يا سراقة تفت في أعضاد الناس ، فركله إبليس ركلة في صدره وقال : (إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ)([22]) وهو قول الله : (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمْ الْيَوْمَ مِنْ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ)([23]) ثم قال عزوجل : (وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلاَئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ)([24]) وحمل جبرئيل على إبليس فطلبه حتى غاص في البحر ، وقال : رب أنجز لي ما وعدتني من البقاء إلى يوم الدين وروي في خبر أن إبليس التفت إلى جبرئيل وهو في الهزيمة فقال : يا هذا أبدا لكم فيما أعطيتمونا ؟
فقيل لابي عبدالله عليه السلام : أترى كان يخاف أن يقتله ، فقال : لا ، ولكنه كان يضربه ضربة يشينه منها إلى يوم القيامة وأنزل الله على رسوله (إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلاَئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ)([25])
وخرج أبوجهل من بين الصفين فقال : اللهم أقطعنا الرحم ، وآتانا بما لا نعرفه فأحنه الغداة ، فأنزل الله على رسوله : (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمْ الْفَتْحُ وَإِنْ تَنتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ وَلَنْ تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ)([26]) ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله كفا من حصى فرمى به في وجوه قريش وقال : شاهت الوجوه فبعث الله رياحا تضرب وجوه قريش فكانت الهزيمة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : اللهم لا يفلتن فرعون هذه الامة أبوجهل بن هشام فقتل منهم سبعون ، وأسر منهم سبعون ، والتقى عمرو بن الجموع مع أبي جهل فضرب عمرو أبا جهل على فخذه ، وضرب أبوجهل عمروا على يده فأبانها من العضد فعلقت بجلده ، فاتكا عمرو على يده برجله ثم رمى في السماء فانقطعت الجلدة ورمى بيده ،
وقال عبدالله بن مسعود : انتهيت إلى أبي جهل وهو يتشحط في دمه فقلت : الحمد لله الذي أخزاك ، فرفع رأسه فقال : إنما أخزى الله عبد ابن أم عبد ، لمن الدين ويلك ؟ قلت : لله ولرسوله وإني قاتلك ، ووضعت رجلي على عنقه ، فقال : لقد ارتقيت مرتقا صعبا يا رويعي الغنم ، أما إنه ليس شئ أشد من قتلك إياي في هذا اليوم ، ألا تولى قتلي رجل من المطلبين ، أو رجل من الاحلاف([27]) ، فاقتلعت بيضة كانت على رأسه فقتلته وأخذت رأسه ، وجئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت : يا رسول الله البشرى هذا رأس أبي جهل بن هشام ، فسجد لله شكرا ،
وأسر أبوبشر الانصاري العباس ابن عبدالمطلب وعقيل بن أبي طالب ، وجاء بهما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال له : أعانك عليهما أحد ؟ قال : نعم رجل عليه ثياب بيض ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ذاك من الملائكة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله للعباس : افد نفسك وابن أخيك ، فقال يا رسول الله قد كنت أسلمت ، ولكن القوم استكرهوني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : الله أعلم بإسلامك ، إن يكن ما تذكر حقا فإن الله يجزيك عليه ، فأما ظاهر أمرك فقد كنت علينا ، ثم قال : يا عباس إنكم خاصمتم الله فخصمكم ، ثم قال : افد نفسك وابن أخيك ، وقد كان العباس أخذ معه أربعين أوقية من ذهب ، فغنمها رسول الله صلى الله عليه وآله ، فلما قال رسول الله للعباس : افد نفسك ، قال : يا رسول الله احسبها من فدائي ، فقال رسول الله : لا ، ذاك شئ أعطانا الله منك ، فافد نفسك وابن أخيك فقال العباس : فليس لي مال غير الذي ذهب مني ، قال : بلى المال الذي خلفته عند أم الفضل بمكة ، فقلت لها : إن يحدث علي حدث فاقسموه بينكم ، فقال له : أتتركني وأنا أسأل الناس بكفي ؟ فأنزل الله على رسوله في ذلك : ( يا أيها النبي قل لمن في أيدكم من الاسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما اخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم ) قال : ( وإن يريدوا خيانتك) - في علي - (فقد خانوا الله من قبل) - فيك –(فأمكن منهم والله عليم حكيم ) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعقيل : قد قتل الله يابا يزيد أبا جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة و شيبة بن ربيعة ومنبه ونبيه ابنا الحجاج ونوفل بن خويلد ، وأسر سهيل بن عمرو والنضر بن الحارث بن كلدة وعقبة بن أبي معيط وفلان وفلان ، فقال عقيل : إذا لم تنازعوا في تهامة ، فإن كنت قد أثخنت القوم وإلا فاركب أكتافهم ، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله من قوله ، وكان القتلى ببدر سبعين ، والاسارى سبعين ، قتل منهم أمير المؤمنين سبعة وعشرين ، ولم يؤسر أحدا ، فجمعوا الاسارى وقرنوهم في الحبال وساقوهم على أقدامهم ، وجمعوا الغنائم ، وقتل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله تسعة رجال فهم سعد بن خيثمة ، وكان من النقباء([28])


([1])البقرة/249
([2]) السيرة الحلبية 2/ 154، دلائل النبوة 3/ 108
([3]) مناقب ال ابي طالب ، ابن شهر اشوب 1/ 358، البحار 41/ 69
([4])ظ: تاريخ الطبري : ٢ / ٤١٨ وص ٤٤٦ ، الكامل في التاريخ : ١ / ٥٢٤ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ٢ / ٥٧ ، المغازي : ١ / ٥١ ، تاريخ إليعقوبي : ٢ / ٤٥
([5]) السيرة الحلبية 2/ 154، دلائل النبوة 3/ 108
([6]) مناقب ال ابي طالب ، ابن شهر اشوب 1/ 358، البحار 41/ 69
([7])ظ: تاريخ الطبري : ٢ / ٤١٨ وص ٤٤٦ ، الكامل في التاريخ : ١ / ٥٢٤ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ٢ / ٥٧ ، المغازي : ١ / ٥١ ، تاريخ إليعقوبي : ٢ / ٤٥
([8])شرح نهج البلاغة ج 14 ص 212
([9])الأنفال/5-6
([10])النقرة : كل ارض متصوبة في هبط . وفى نسخة : النفرة ، وهى القوم الذين ينفرون معك او يتنافرون في القتال ، أو هم الجماعة يتقدمون في الامر ، ونفرة الرجل : اسرته ومن يتعصبون له . وفى المصدر : البهرة ، وبهرة الوادى : وسطه ، والبهرة أيضا : موضع بنواحى المدينة ، واقصى ماء يلى قرقرى باليمامة .
([11])القلوص من الناقة هي الشابة
([12])يا آل غالب لعلهم قالوا ذلك تفألا ، أو لانهم من ولد لوي بن غالب
([13])قال الجزري : في حديث بدر : قال أبوجهل : اللطيمة اللطيمة ، أي أدركوها ، وهي
منصوبة ، واللطيمة : الجمال التي تحمل العطر والبز غير الميرة ،
([14])قال في النهاية : قال عروة للمغيرة : يا غدر ، غدر معدول عن غادر للمبالغة يقال للذكر : غدر ، وللانثى غدار ، كقطام ، وهما مختصان بالنداء في الغالب ، ومنه حديث عاتكة : يا لغدر يا لفجر انتهى .
([15])الصباة جمع الصابى ، وأصله مهموز ، و هو من خرج من دين إلى غيره ، وكان الكفار يسمون النبي صلى الله عليه وآله وأصحابه الصباة
([16])النش : عشرون درهما نصف اوقية
([17])الصفراء ، وهى قرية بين جبلين يقال لاحدهما مسلح . وللاخر : مخرئ . راجع سيرة ابن هشام 2 : 253
([18])الأنفال/11
([19])جمح بضم الجيم وفتح الميم ، بنو جمح : بطن من قريش وهو جمح بن عمرو بن هصيص ابن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر . وعبد الدار : بطن من قصى بن كلاب من العدنانية ومخزوم : بطن من لوى بن غالب بن قريش . وعدى : بطن من لؤى بن غالب وهو عدى بن كعب بن لؤى ، وبنو سهم بطن من هصص وهم بنو عمرو بن هصص بن كعب بن لؤى . ولم يذكر ابن هشام والبغدادى كعب ، بل قالا : عدى بن كعب
([20])وقال الجزري : في حديث علي عليه السلام :
هذا جناي وخياره فيه إذ كل جان يده إلى فيه
هذا مثل أول من قاله عمرو ابن اخت جذيمة الابرش كان يجني الكمأة مع أصحاب له فكانوا إذا وجدوا خيار الكمأة أكلوها ، وإذا وجدها عمرو جعلها في كمه حتى يأتي بها خاله ، وقال : هذه الكلمة فصارت مثلا .
وجنى تناول الثمر من أصله . الكمأه : نبات يقال له : شحم الارض ، ونبات الرعد ،
يوجد في الربيع تحت الارض ، وهو أصل مستدير كالقلقاس لا ساق له ولا عرق ، يمبل إلى الغبرة ويقال له بالتركية : قارج ، وبالفارسية : سمالو ، وسمادوع ، وبالشيرازية : هكلوا ، وباليونانية اوزونا .

([21])الأنفال/49.
([22])الأنفال/48.
([23])الأنفال/48.
([24])الأنفال/50.
([25])الأنفال/12
([26])الأنفال/19
([27])الاحلاف : ست قبائل : عبد الدر ، وجمح ، ومخزوم ، وعدي ، وكعب ، وسهم ، سموا بذلك لانهم لما رأت بنو عبد مناف أخذ ما في أيدي عبد الدار من الحجابة الرفادة واللواء والسقاية وأبت عبد الدار عقد كل قوم على أمرهم حلفا مؤكدا على أن لا يتخاذلوا فأخرجت بنو عبد مناف جفنة مملوة طيبا فوضعتها لا حلافهم ، وهم : أسد ، وزهرة وتيم ، في المسجد عند الكعبة ، ثم غمس القوم أيديهم فيها وتعاقدوا ، وتعاقدت بنو عبد الدار وحلفاؤهم حلفا آخر مؤكدا فسموا الاحلاف لذلك

([28])سيرة ابن هشام ، 1 : 290 ، بحار الانوار مجلد: 19 ص 256
Very Happy
توقيع فاضل حسن


 مواضيع مماثلة

-
» [حصرى]بدر في الشعر
» [حصرى]علي الدلفي معذوره
» [حصرى] قصيدة عن الام
» [حصرى]الاستطلاع للمسلمين
» [حصرى]نسب امير المؤمنين ووالداه

خدمآت آلموضوع
 KonuEtiketleri گلمآت دليليه
[حصرى]بدر الكبرى , [حصرى]بدر الكبرى , [حصرى]بدر الكبرى ,[حصرى]بدر الكبرى ,[حصرى]بدر الكبرى , [حصرى]بدر الكبرى
 KonuLinki رآپط آلموضوع
 Konu BBCode BBCode
 KonuHTML Kodu HTMLcode
إذآ وچدت وصلآت لآتعملفي آلموضوع آو أن آلموضوع [ [حصرى]بدر الكبرى ] مخآلف ,, من فضلگ رآسل آلإدآرة من هنآ
صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شركة أحباب السجاد ألآسلامية :: الدين الاسلامي - سيرة اهل البيت - اصوات حسينية - محاضرات - قرايات حسينية افراح -صور اسلامية- قصص وروايات :: قسم أهل البيت (عليهم السلام)-